محمد فهيم: الاستثمار مقابل ديون الدول النامية مهم لمواجهة التغيرات المناخية
محمد فهيم: الاستثمار مقابل ديون الدول النامية مهم لمواجهة التغيرات المناخية
لم تعد أفلام نهاية العالم المتكررة دربًا من الخيال أو بعيدة عن الواقع، ما نشاهده على شاشات السينما ما هو إلا تحذيرات صُنَّاعِها أصحاب الوعي، بما قد تحدثه التغيرات المناخية من فناء الكوكب والقضاء على كل ما هو حي، الأمر الذي دعا العلماء وأصحاب الاستثمارات الضخمة والدول الواعية إلى طرح أفكار هي بمثابة الـ"Super Hero" الذي سينقذ الكوكب.
من الأفكار التي تكاتف عليها العقل البشري وابتكرها لإنقاذ الكوكب ما أطلق عليه "الاستثمار في الأنشطة المناخية" الذي يدعم التوجّه نحو الاقتصاد الأخضر، المساهم في دعم "مناخ الأمل" منقذ الكرة الأرضية من دخول "حلقة الموت" المهددة للبشرية بفعل التغير المناخي.
ويعتبر الكثير من المستثمرين أن الوقت الحالي مثالي للاستثمار بكل ما هو "أخضر" بالمفهوم البيئي، وللاستفادة من الفرص الذي يوفرها هذا القطاع.
وفي ظل المفاهيم المتشعبة المتعلقة بـ"الاستثمارات المناخية" يبقى السؤال الأبرز، ما معنى الاستثمار الأخضر، وما هي أفضل التوجهات الاستثمارية ضمن هذا المجال؟
وفقًا لتقارير صحفية، فإن بعض الخبراء يرون أن الاستثمار في الأنشطة المناخية يمثل أعظم فرصة تجارية في عصرنا وأن قطاعات المدن الذكية، والمباني الخضراء، وتخزين الطاقة والسندات الخضراء تشكل جميعها أفضل الفرص الاستثمارية حاليا، ولكن التوجه للاستثمار بقطاع "المدن الذكية" يعني أن المستثمر جمع باستثماره عدة قطاعات تحت مظلة واحدة.
ووفقًا لآخرين فإن "النمو الأخضر" سيكون هو القاعدة في السنوات المقبلة، وبالتالي فإن اختيار "المدن الذكية" كأفضل توجه، لا يعني أن الاستثمارات الأخرى غير مفيدة، خاصة "السندات الخضراء" التي تلقى رواجا كبيرا في العالم، وهو مفهوم باتت تتبناه أضخم الشركات العالمية.
لمزيد من المعلومات ناقشت "جسور بوست" الأمر مع خبير متخصص بقضايا المناخ للوقوف على أهمية الأمر ومعناه وكيف يمكن الاستفادة منه.
فرصة جيدة للمستثمرين والكوكب
قال مدير مركز التغير المناخي بوزارة الزراعة، ومستشار وزير الزراعة المصري، محمد فهيم، إن ما يسببه تغير المناخ يستدعي تغيير مفاهيم كثيرة، فلتقليل غازات الانبعاث الحراري، تم عمل ما يسمى بـ"السندات الخضراء والاستثمارات الخضراء، وهناك بنوك مثل بنك الاستثمار الأوروبي تدعم فكرة أن بلدا ما تكون مشروعاته خضراء، إذا أخذنا مصر على سبيل المثال، فقد تعهدت رغم محدودية مساهمتها في إجراءات تغير المناخ وهو ما يعادل نصفا في المئة، ولكنها تعهدت أنها بحلول 2030 سيكون تقريبًا نصف إنتاجنا من الطاقة نظيفة وأن 50% من مصادر الطاقة في مصر ستكون طاقة نظيفة ومشروعات خضراء، وأن كل المشروعات الممولة تمويلا ذاتيًا ستكون مشروعات خضراء بنسبة 100%، الدولة المصرية اشتغلت على الطرح الأول من الاستثمارات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار وبدأت في طرح السندات للمستثمرين".
وعن مفهوم الاستثمار الأخضر قال الخبير المناخي في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": "إن ذلك يعني أن تكون جميع الاستثمارات صديقة للبيئة، إما منعدمة الانبعاثات أو منخفضة انبعاثات الكربون، كتقليص الكربون من الغلاف الجوي بتوسيع الرقعة الزراعية كالغابات مثلًا، كي تعود الكرة الأرضية مرة أخرى إلى المتوسط الحراري الطبيعي لها والبالغ 15 درجة، الآن وصل إلى 16,1، أي أن هناك زيادة أكثر من درجة، وستعلن حالة الطوارئ إذا ارتفعت إلى 1,5 درجة وهي في طريقها لذلك بحلول 2040، وهي نسبة خطيرة كأن ترتفع درجة حرارة جسم الإنسان درجة ونصف عن معدلها الطبيعي فسيمرض، والكرة الأرضية كائن حي في النهاية، وستعبر عن مرضها مثل الإنسان الذي يصاب بالحمى وتسبب في مشاكل لأجهزة الجسم".
وعن طرق التغلب على الانبعاثات الحرارية، أشار خبير المناخ إلى عملية ما يسمى بـ"الاستثمار في مقابل الديون"، بمعنى أن الدول المتقدمة لها ديون لدى الدول النامية المتأثرة بتغير المناخ، هذه الدول المدينة لها استحقاق، فبدل من تلك الاستحقاقات المالية يكون هناك استثمار، بمعنى أن الدول المتقدمة إذا كان لها لدى دولة أخرى نامية ومتأثرة بتغيرات المناخ دين يبلغ المليارات، بدلًا من أخذها في صورة أموال يمكن أخذها في صورة استثمار، وإذا تم تطبيقه فسيحدث فارقًا وستتغير العلاقات بين الدول، لن يكون هناك دائن ودين بل سيكون هناك ما يسمى "شراكة"، وهذا المفهوم الوحيد الذي يجب أن تتبعه الدول فيما يخص تغير المناخ".
وأضاف: الأمثلة كثيرة مثل الاستثمار في الطاقة النظيفة والمشروعات التي لها علاقة بالحد من تغير المناخ، الاستثمار في مشروعات التنمية المستدامة، ويجب أن تكون ذات أولوية كبيرة.